يسألونك عن الدستور
والعودة إليه .. قل : فيهما .......*
مقدمة :
كيف نقرأ دستور 1951؟ .. نحن أمام نص
تشريعي وضع في بداية تأسيس دولة .. هذا أولا .. ملكية ثانيا .. في ظل وجود نفوذ
أجنبي قوي ثالثا .. وملك أول يخطط ألا يكون الملك الأخير رابعا .. والملاحظ أننا
لم نذكر شيئا عن الشعب وعمن يسمون بالآباء المؤسسين .. وأسباب هذا التجاهل سوف
تتضح فيما بعد .. هذا من جانب ومن جانب آخر علينا لقراءة هذا الدستور أن نتمسك
بفرضيتين : الأولى : كل مادة من مواده ما وضعت إلا لمصلحة طرف ما .. وكل أمر تم
تجاهله فيه ما كان التجاهل إلا لمصلحة أيضا .. ولذلك علينا ألا نخجل أو نمل من
التساؤل في كل مرة : من المستفيد؟ .. الفرضية الثانية : علينا أن نتخلى تماما عن
سذاجتنا المعتادة واعتقادنا بأن السنوسية عامة وإدريس السنوسي خاصة زاهدون في
السلطة ولا مطامع سياسية لديهم .. ولأن الملك إدريس السنوسي أحد الأطراف بل لعله
الطرف الأول فإن (السؤال : من المستفيد) قد يصاغ صياغة أخرى : فتش عن الملك ..
وهكذا تتشابك الفرضيتان.
أتوقع أن معظم هذا يحتاج شرحا وافيا .. وكم
كنت سعيدا لو أن المقام يتسع لذلك ولكن لأراهن على سعة أفق القارئ وفهمه ..
وليتساءل : لو أن هذا الدستور كان في دولة قد مضى عليها قرن من الاستقرار .. لدولة
جمهورية .. أو لدولة ملكية ولكنه وضع في عهد ملكها العاشر .. ولو لم يوضع في ظل
الأجانب .. هل يختلف الأمر؟ .. لو أنه وضع لشعب متعلم لديه وسائل التواصل
الاجتماعي الحالية وإعلام القرن الحادي والعشرين هل يختلف الأمر؟ .. الإجابة على
هذه الأسئلة المفترضة تقارن بما حصرناه من (أولا) إلى (رابعا) مضافا إليه : شعب
بائس مغيب لا يعلم بما يدور خامسا .. فلعل مقارنة المفترض بالواقع تحل محل الشرح
والاستفاضة.
مقولات متعلقة بالدستور
ثمة مقولات تروج حول دستور 1951 لا ينبغي
أخذها كمسلمات .. منها :
أ ــ هذا الدستور قد وضعه الآباء والأجداد
القائلون بهذا يقولون أيضا بأن عدد
الحائزين على شهادات علمية كان قليلا جدا .. فأي القولين نصدق؟ .. وإذا قصرنا
الكلام على برقة فإن شعبا قاسى الاضطهاد والإبادة لا يتوقع منه بين ليلة وضحاها أن
يتعامل مع دساتير الهند وسويسرا وفنزويلا في عشرة أشهر ليستخلص منها ومن غيرها
دستورا بديعا كما يقال.
كما أن قراءة الدستور قراءة دقيقة تبين أن
دور الآباء والأجداد محدود إن لم يكن معدوما .. فثمة مواد لا يعقل أن أولئك الآباء
والأجداد بمرجعيتهم الأخلاقية والوطنية والدينية قد وافقوا عليها .. (انظر العنوان : من المواد المتعلقة بالهويتين
الوطنية والدينية).
كما أن مجموعة من مواد أخرى لا يمكن أن
تكون قد خطرت ببالهم (انظر العنوان : فتش عن المستفيد).
وهذا يرجح بأنهم لم يكونوا على علم بكل
التفاصيل.
أخشى أن مساهمة الآباء والأجداد من برقة
تحديدا في صناعة هذا الدستور مثل مساهمة أبو بكر بعيرة في اتفاق الصخيرات .. وقياسا
عليه أخشى أن يظهر علينا بعد عقود من يصف اتفاق الصخيرات باتفاق الآباء والأجداد
.. وإذا كان أبو بكر بعيرة ــ والحق يقال ــ قد تحلى بقدر كبير من الشجاعة والصدق
مع النفس ومع الآخرين ليصرخ مبكرا : لقد خدعوني .. وليعلن من ثم براءته من ذلك
الاتفاق فإن ممثلي برقة في الجمعية التأسيسية لم يصرخوا مثل صرخته بل ولم يهمسوا
همسة.
والحقيقة أن الوثائق صريحة في هذا الخصوص
فقد اعترفت بأن لجنة ال 60 لم تشترك كلها في وضع الدستور ولم يتجاوز عدد أعضاء
اللجنة العاملة المكلفة بكتابة الدستور الستة .. ولا نستطيع أن نستبعد تأثير مجلس
العشرة الاستشاري وعدد الليبيين فيه ثلاثة فقط اختارهم (بلت) بعد مشورة بريطانيا
وأمريكا .. وفيه إيطاليان بالإضافة إلى ممثلي مصر وباكستان وبريطانيا وفرنسا
وأمريكا ويمكن إضافة المبعوث الأممي آدريان بيلت وهؤلاء هم الذين كتبوا مواد الدستور .. ويقال
بأنه عرض على بقية أعضاء لجنة ال60 .. ولعل الوثائق لم تكن أمينة هنا .. فلربما في
هذا القول الأخير مبالغة أو تزوير ما .. فربما تم إبداء بعض القراطيس ودس بعضها
الآخر.
ب ــ القول بأنه كان دستورا راقيا رائعا بديعا
في هذا الدستور من المثالب ما يجعله لا
يستحق هذا الإطراء :
1
ــ ثمة بهذا الدستور ما يمكن اعتباره نقصا أو قصورا (انظر العنوان : المسكوت عنه)
2
ــ منح هذا الدستور الملك أكثر الاختصاصات وأهمها .. (انظر العنوانين : الاختصاصات
، دستور الملك والملكية الدستورية).
3
ــ كثرة المواد المؤجلة .. (انظر العنوان : مواد مؤجلة).
4
ــ به بعض المواد المتهمة بعدم الاتساق .. (انظر العنوان : مواد متهمة بالاختلاف
أو بالتناقض).
ج ــ مديح النظام الفيدرالي
والقول بأن به عدالة وضمانات لولاية برقة
الأكثر تضررا من الاحتلال الإيطالي .. وفي هذا القول مبالغة أيضا :
بالنسبة لبرقة لم يقدم لها هذا الدستور
ضمانات حقيقية .. فبالإضافة إلى ضعف المؤسسات الفيدرالية وهامشية دورها فإن حالة
الانفصام بين الأقوال والأفعال قضت على ما كان منها جيدا .. (انظر العناوين :
النظام الفيدرالي وما أدراك ما هو ، تهميش دور مجلس الشيوخ ، أقوال بلا أفعال).
تكتيك كتابة دستور 1951
اتبعت في كتابة هذا الدستور تكتيكات لا
تخلو من التحايل ساعد في ذلك أنه لم يطرح للاستفتاء :
1
ــ تم السكوت عن المواضيع التي قد تثير المشاكل بين مجلس العشرة وعامة الشعب فلم
يتطرق لموضوع الشريعة على سبيل المثال (انظر العنوان : المسكوت عنه).
2
ــ تأجيل البت في بعض المواضيع بوضعها في مواد مؤجلة تنتظر قانونا لتنفيذها (انظر
العنوان : مواد مؤجلة)
3
ــ عمليا عدم تنفيذ بعض المواد (انظر العنوان : أقوال بلا أفعال).
المسكوت عنه
1
ــ لم يتم التطرق إطلاقا أو بالتوسع اللازم لبعض مؤسسات الدولة الأمنية :
لم يتطرق الدستور إلى الجيش بكثير من التوسع
وذكر فقط على هامش المادة (68) وذكر في المادة 194 المؤجلة .. ولا يعرف من خلال
هذا الدستور الوضع القانوني لقوة دفاع برقة ونظيرتيها في طرابلس وفزان على سبيل
المثال ولم يشر إلى شيء من ذلك بمادة مؤجلة .. كما لم يتطرق إلى الشرطة.
2
ــ لم يتطرق إلى المصرف المركزي(باستثناء الومضة الواردة بالمادة 36 فقرة رقم 29).
3
ــ لا ذكر فيه للنيابة العامة ولا للمحاكم العسكرية.
4
ــ لا ذكر فيه للشريعة باستثناء القول بأن الإسلام دين الدولة كما جاء في المادة
5.
5
ــ لا ذكر فيه ولو كان على سبيل الاقتراح أو بمادة مؤجلة لتوزيع المؤسسات بين
عاصمتي الدولة.
6
ــ لا ذكر لأية إجراءات لمعالجة آثار الاحتلال .. من قبيل معرفة مصير المنفيين في
الجزر الإيطالية والتعويضات وأحوال الأملاك المصادرة وما إلى ذلك من الأمور.
تفاصيل متعلقة بالدستور :
من المواد المتعلقة بالهويتين الوطنية والدينية
المادة
(8)
يعتبر
ليبيا كل شخص مقيم في ليبيا وليس له جنسية أو رعوية أجنبية إذا توافر فيه أحد
الشروط الآتية :
1
ــ أن يكون قد ولد في ليبيا.
2
ــ أن يكون أحد أبويه ولد في ليبيا.
3
ــ أن يكون قد أقام في ليبيا مدة لا تقل عن عشر سنوات إقامة عادية.
المادة
(9)
مع
مراعاة أحكام المادة الثامنة من هذا الدستور تحدد بقانون اتحادي الشروط اللازمة
لاكتساب الجنسية الليبية وتمنح به تسهيلات للمغتربين الذين هم من أصل ليبي
ولأولادهم ولأبناء الأقطار العربية وللأجانب الذين أقاموا في ليبيا إقامة عادية
لمدة لا تقل عن عشر سنوات عند العمل بهذا الدستور ومازالوا مقيمين فيها ، فيجوز
لهؤلاء الأخيرين اختيار الجنسية الليبية طبقا للشروط المبينة في القانون على أن
يطلبوا اكتسابها خلال ثلاث سنوات تبتدئ من أول يناير 1952.
يعتبر بقايا الفاشيست وأبناءهم في ليبيا
ليبيين ويحق لهم الحصول على الجنسية الليبية بموجب هاتين المادتين : 8 ، 9.
وقد كان لهؤلاء الفاشيست نشاط سياسي فقد أسسوا في طرابلس حزبين أحدهما عبر
صراحة عن ميوله الفاشية وكان مدعوما من روما.
وبلغ من نفوذهم أيضا أن مثلوا هم واليونان واليهود بإيطالي في مجلس العشرة
بالإضافة إلى إيطالي آخر يمثل دولة إيطاليا.
المادة
(21)
حرية
الاعتقاد مطلقة وتحترم الدولة جميع الأديان والمذاهب وتكفل لليبيين وللأجانب
المقيمين في أرضها حرية العقيدة والقيام بشعائر الأديان على أن لا يخل ذلك بالنظام
العام ولا ينافي الآداب.
المادة
(197)
لا
يجوز اقتراح تنقيح الأحكام الخاصة بشكل الحكم الملكي وبنظام وراثة العرش وبالحكم
النيابي وبمبادئ الحرية والمساواة التي يكفلها هذا الدستور.
المادة 21 المحمية من التعديل بالمادة 197 تحمي أي مواطن في
عهد المملكة يرغب في التحول إلى المسيحية أو البوذية أو البهائية أو التشيع .. والشرط
: " على أن لا يخل ذلك بالنظام العام ولا ينافي الآداب" شرط فضفاض.
أنا بمنظور فكري مع حرية العقيدة ولكن
بمنظور أمني متوجس منها خيفة لما أرى من معاناة المجتمعات المتعددة الأديان
والمذاهب وهشاشتها .. فالتعددية ليست دائما كما يروج مصدر قوة.
ومن المواد الخطيرة المتعلقة بالهوية
الوطنية المادة 200 ونصها :
المادة
(200)
تنظم
بقانون اتحادي المهاجرة إلى ليبيا ولا يسمح بالمهاجرة إلى ولاية ما إلا بعد الحصول
على موافقة تلك الولاية.
وهذه المادة تقبل من حيث المبدأ بتوطين
المهاجرين في ليبيا .. أما الموافقة فلم تكن ــ باستخدام وسائل خاصة ــ بالأمر
العسير .. ولعل برقة هي الولاية الضحية أو التي كانت مستهدفة .. فهي ملتقى الذوايح
كما هو معروف .. ألا يتوقع أن وراءها الإيطاليين في مجلس العشرة؟ .. (انظر العنوان
: فتش عن المستفيد .. فتش عن الأجانب).
والسؤال الكبير : هل وافق الآباء والأجداد
على هذه المواد حقا؟
الاختصاصات
الاختصاصات لب الدساتير .. وتوزيعها بين
مؤسسات الدولة وبين الحاكم والمحكوم من أهم أهدافها .. وفي هذا الدستور كان عدد
مواد الاختصاص وبشيء من التبسيط باحتساب التكرار لفرز الاختصاصات = 98 مادة ..
وبدون احتساب التكرار = 92 مادة.
وكمثال على فرز الاختصاصات المادة 95
المادة
(95)
يعين
الملك نصف الأعضاء (أعضاء مجلس الشيوخ) وتقوم مجالس الولايات التشريعية بانتخاب الباقين.
فهي مادة واحدة ولكن حسب الاختصاصات بمثابة
مادتين واحدة تبين اختصاص الملك بتعيين نصف مجلس الشيوخ ومادة أخرى تبين اختصاص
المجالس التشريعية بانتخاب النصف الآخر .. فالاختصاصات في هذه المادة منفصلة
مستقلة وهي ليست مادة تبين اختصاصات مشتركة مثل المادة 41 التي ستذكر تحت العنوان
التالي.
انفرد الملك منها بالمواد ذات الأهمية
القصوى منها وعددها = 39 مادة .. واشترك مع جهات أخرى خاضعة له بشكل أو بآخر من
حيث التعيين أو الإقالة أو الحل في مواد عددها = 9 مواد.
إذن مجموع المواد = 48 مادة .. أي ما
نسبته باحتساب التكرار حسب الفرز 49 من مئة .. وبدون احتساب التكرار 52 من مئة ..
بينما كان نصيب الجهات الأخرى (مجلس النواب وحده ، مجلس الشيوخ وحده ، مجلس الأمة
، الحكومة الاتحادية ، الولايات ، المحكمة العليا ، ديوان المحاسبة) منفردة أو
مشتركة مع بعضها البعض 44 مادة معظمها هامشية.
دستور الملك والملكية الدستورية
نص بعض المواد كعينة للاختصاصات التي انفرد
بها الملك :
المادة
(42)
السلطة
التنفيذية يتولاها الملك في حدود هذا الدستور.
المادة
(58)
الملك
هو الرئيس الأعلى للدولة.
المادة
(59)
الملك
مصون وغير مسئول.
المادة
(63)
الملك
يضع اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من
تنفيذها.
المادة
(65)
يفتتح
الملك دورات مجلس الأمة ويفضها ويحل مجلس النواب وفقا لأحكام الدستور وله عند
الضرورة أن يجمع المجلسين معا لبحث أمر هام.
طبعا حل مجلس النواب يعني حل مجلس الأمة.
المادة
(68)
الملك
هو القائد الأعلى لجميع القوات المسلحة في المملكة الليبية المتحدة، ومهمتها حماية
سيادة البلاد وسلامة أراضيها وأمنها ، وتشمل الجيش وقوات الأمن.
المادة
(72)
الملك
يعين رئيس الوزراء وله أن يقيله أو يقبل استقالته من منصبه ويعين الوزراء ويقيلهم
أو يقبل استقالتهم بناء على ما يعرضه عليه رئيس الوزراء.
المادة
(73)
الملك
يعين ويقيل الممثلين بناء على ما يعرضه عليه وزير الخارجية ويقبل اعتماد رؤساء
البعثات السياسية الأجنبية لديه.
المادة
(74)
الملك
ينشئ المصالح العامة ويعين كبار الموظفين ويعزلهم وفقا لأحكام القانون.
المادة
(80)
للملك
أن يعين عند الضرورة وزراء بدون وزارة.
المادة
(95)
يعين
الملك نصف الأعضاء (أعضاء مجلس الشيوخ) وتقوم مجالس الولايات التشريعية بانتخاب
الباقين.
أعطي في دستور 1963 صلاحية تعيين كل
الأعضاء كما جاء في المادة 94 منه.
المادة
(97)
يعين
الملك رئيس مجلس الشيوخ ، وينتخب المجلس وكيلين وتعرض نتيجة الانتخاب على الملك
للتصديق عليها ويكون تعيين الرئيس وانتخاب الوكيلين لمدة سنتين ويجوز إعادة تعيين
الرئيس وانتخاب الوكيلين.
المادة
(143)
تؤلف
المحكمة العليا من رئيس وقضاة يعينهم الملك.
المادة
(158)
تضع
المحكمة العليا بموافقة الملك لائحة تنظيم أعمالها وإجراءاتها وتحديد الرسوم التي
تفرضها.
المادة
(180)
يعين
الملك الوالي ويعفيه من منصبه.
فإذا أضفنا إلى ما سبق المواد التي تمنح
للملك صلاحيات مع جهات أخرى خاضعة له مثل المادة 41 اتضحت الملكية الدستورية التي
يصرخ البعض للعودة إليها.
المادة
(41)
السلطة
التشريعية يتولاها الملك بالاشتراك مع مجلس الأمة. ويصدر الملك القوانين بعد أن
يقرها مجلس الأمة على الوجه المبين في هذا الدستور.
أن يتمتع شخص واحد بكل هذه الصلاحيات
ويورثها لغيره مخاطرة جسيمة وضعنا فيها الآباء والأجداد بطيبتهم الزائدة إذا صدقنا
بأن لهم دورا في ذلك .. فحتى إذا سلمنا جدلا بأن إدريس السنوسي إنسان طيب فكان على
هؤلاء الآباء والأجداد توقع أن تفسده السلطة المطلقة كما جرت سنن الحياة غالبا ..
وكان عليهم أن يتوقعوا ألا يكون وريث عرشه طيبا مثله.
فتش عن المستفيد
أ ــ فتش عن الملك
ويمكن للقارئ أن يتأمل المواد التالية
وليتساءل : هل هي من بنات أفكار الآباء والأجداد؟ أم أنها من بنات أفكار الملك؟ ..
وليتساءل إذا كانت الثانية : ترى هل كان
الملك زاهدا في السلطة حقا؟
المادة
(56)
تعين
مخصصات الملك والبيت المالك بقانون اتحادي ، ولا يجوز نقصها في مدة حكمه ولكن يمكن
زيادتها بقرار من مجلس الأمة. ويحدد القانون مرتبات نواب وأوصياء العرش على أن
تؤخذ من مخصصات الملك.
لا تنقص ولكن يمكن زيادتها.
المادة (197)
لا
يجوز اقتراح تنقيح الأحكام الخاصة بشكل الحكم الملكي وبنظام وراثة العرش وبالحكم
النيابي وبمبادئ الحرية والمساواة التي يكفلها هذا الدستور.
المادة
(61)
لا
يتولى الملك عرشا خارج ليبيا إلا بعد موافقة مجلس الأمة.
هذا الحرص على بقاء النظام الملكي ونظام
وراثة العرش وحمايته من التعديل في المادة
197 هل يمكن أن يدور ببال الآباء والأجداد الأجلاء؟ .. أما بخصوص الحكم النيابي
فقد همش كثيرا بفعل صلاحيات الملك الواسعة والمنتقاة بعناية .. وهل يتصور مهما
بالغنا في دورهم أن يخطر ببال الآباء المؤسسين ــ كما يصفهم البعض ــ ما جاء في
المادة 61 التي يظهر فيها حلم آل السنوسي المزمن بامتداد حكمهم خارج حدود ليبيا ..
فلعل شعارهم غير المعلن : ليبيا أو برقة الانطلاقة وإفريقيا الهدف.
كذلك ما جاء في المادة 59 التي سبق ذكرها
والتي تجعل الملك رغم كل هذه الصلاحيات مصونا ومحميا من المساءلة.
ب ــ فتش عن الأجانب
في المواد الآتية فتش عن الأجانب ونفوذهم
فمن المرجح أنهم من يقف وراءها :
المادتان
: 9 ، 21 (انظر العنوان : مواد متعلقة بالهويتين الوطنية والدينية)
المادة
(191)
يحدد
بقانون اتحادي الوضع القانوني للأجانب وفقا لمبادئ القانون الدولي.
المادة
(200)
تنظم
بقانون اتحادي المهاجرة إلى ليبيا ولا يسمح بالمهاجرة إلى ولاية ما إلا بعد الحصول
على موافقة تلك الولاية.
النظام الفيدرالي وما أدراك ما هو
النظام الفيدرالي في هذا الدستور ليس
بالصورة البراقة التي تروج له .. ولم يقدم ضمانات حقيقية لاستقرار البلاد والشعور
بالعدالة .. وكانت هشاشة هذه الفيدرالية بسبب تغول صلاحيات الملك أولا وصلاحيات
مجلس النواب والحكومة الاتحادية ثانيا وهامشية دور مجلس الشيوخ .. وبالنسبة لبرقة فمن المعلوم أن التركيبة
الديموغرافية فيها قد تعرضت لعمليات تغيير على مدى قرون سابقة الأمر الذي لم يحدث
مع ولاية طرابلس وفزان .. وبينما يمكن افتراض ولاء ممثلي طرابلس في مجلس الشيوخ
لطرابلس وممثلي فزان لفزان فإن ولاء ممثلي برقة لبرقة يظل أمرا مشكوكا فيه فقد يكون
ولاء بعضهم للولاية التي جاء منها أجدادهم .. ولذلك حتى وجود مجلس الشيوخ لا يشكل
ضمانة لبرقة فما بالك إذا كان بدور هامشي.
ولعل المواد تتحدث عن نفسها :
المادة
(206)
في
الانتخابات الأولى لمجلس النواب ، وإلى أن يتم إحصاء سكان ليبيا يكون لولاية برقة خمسة
عشر نائبا ولولاية طرابلس الغرب خمسة وثلاثون نائبا ولولاية فزان خمسة نواب.
هذه المادة من الباب الثاني عشر والأخير
والخاص بالأحكام الانتقالية والأحكام الوقتية .. وحتى بعد إحصاء 1954 وأخذه في
الاعتبار فلا يتوقع أن يتقلص الفارق بين طرابلس وبرقة كثيرا.
في هذه المادة تغول واضح لولاية طرابلس على
حساب برقة وفزان .. وإذا وضعنا في الحساب تغول مجلس النواب وهامشية دور مجلس
الشيوخ اتضحت حقيقة النظام الفيدرالي.
المادة
(36)
يتولى
الاتحاد الليبي السلطات التشريعية والتنفيذية المتعلقة بالمسائل المبينة في الكشف
التالي :
1
ــ التمثيل الدبلوماسي والقنصلي والتجاري.
2 ــ شئون هيئة
الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة.
3 ــ الاشتراك في
المؤتمرات الدولية والهيئات الدولية وتنفيذ ما تتخذه من قرارات.
4 ــ الشئون
المتعلقة بالحرب والسلم.
5 ــ عقد المعاهدات
والاتفاقيات مع الدول الأخرى وتنفيذها.
6 ــ تنظيم التبادل
التجاري مع الدول الأجنبية.
7 ــ القروض
الخارجية.
8 ــ تسليم
المجرمين.
9 ــ إصدار جوازات
السفر الليبية والتأشيرات.
10 ــ المهاجرة إلى
ليبيا ومنها.
ملاحظة
: اشترطت المادة 200 موافقة الولاية إذا أرادت الحكومة الاتحادية توطين مهاجرين
فيها.
11 ــ دخول الأجانب
البلاد وإقامتهم فيها وإبعادهم عنها.
12 ــ شئون الجنسية.
13 ــ جميع المسائل
الأخرى المتعلقة بالشئون الخارجية.
14 ــ إعداد القوات
البرية والبحرية والجوية وتدريبها والإنفاق عليها واستخدامها.
15 ــ الصناعات
الخاصة بالدفاع.
16 ــ منشآت القوات
البرية والبحرية والجوية الليبية.
17 ــ تحديد السلطات
في مناطق المعسكرات وتعيين موظفي هذه المناطق وبيان اختصاصاتهم ونظام السكن فيها.
وتخطط حدودها بعد التشاور مع الولايات.
18 ــ الأسلحة
الخاصة بالدفاع الوطني بأنواعها بما في ذلك الأسلحة النارية والذخائر والمفرقعات.
19 ــ الأحكام
العرفية.
20 ــ الطاقة الذرية
والمواد اللازمة لإنتاجها.
21 ــ جميع المسائل
الأخرى المتعلقة بالدفاع الوطني.
22 ــ الخطوط الجوية
والاتفاقات المتعلقة بها.
23 ــ الأرصاد
الجوية.
24 ــ البريد
والتلغرافات والتليفونات والاتصال اللاسلكي والإذاعة الاتحادية وغير ذلك من وسائل
الاتصال الاتحادي.
25 ــ الطرق
الاتحادية والطرق التي، بعد التشاور مع الولايات ، تقرر الحكومة الاتحادية أنها
غير خاصة بولاية معينة.
26 ــ
إنشاء السكك الحديدية الاتحادية ومراقبتها وذلك بعد موافقة الولايات التي
تمر بها.
27 ــ الجمارك.
ملاحظة
: المادة (212) : لا تطبق المادة (36) فقرة ــ 27 ــ والمادة (174) من هذا الدستور
قبل أول إبريل 1952.
28 ــ فرض الضرائب
اللازمة لسد مصروفات الحكومة الاتحادية بعد التشاور مع الولايات.
ملاحظة
: أكدت المادة 175 على ضرورة التشاور مع الولاية في هذا الخصوص
29 ــ البنك
الاتحادي.
30 ــ العملة وسك
النقود وإصدار أوراق النقد.
31 ــ مالية الاتحاد
والدين العام.
32 ــ الكامبيو
والبورصات.
33 ــ الاستعلامات
والإحصاءات الخاصة بالحكومة الاتحادية.
34 ــ شئون موظفي
الحكومة الاتحادية.
35 ــ العمل بعد
التشاور مع الولايات على تشجيع الإنتاج الزراعي والصناعي والنشاط التجاري وضمان
الحصول على المواد الغذائية اللازمة للبلاد.
36 ــ أملاك الحكومة
الاتحادية : اكتسابها وإدارتها والتصرف فيها.
37 ــ التعاون فيما
بين الحكومة الاتحادية والولايات في أعمال البوليس الجنائي وفي إنشاء إدارة مركزية
للبوليس الجنائي وفي تعقب المجرمين الدوليين.
38 ــ التعليم في
الجامعات والمعاهد العليا وتقرير الدرجات العلمية.
39 ــ جميع المسائل
التي عهد بها هذا الدستور إلى الحكومة الاتحادية.
لاحظ 38 نشاطا تفصيليا مضافا إليها نشاطات
أخرى في الفقرة رقم 39 كلها من اختصاص الحكومة الاتحادية من حيث التشريع والتنفيذ.
المادة (38)
يتولى الاتحاد الليبي
لضمان تنسيق السياسة وتوحيدها بين الولايات ، السلطة التشريعية المتعلقة بالمسائل
التالية وتتولى الولايات سلطة تنفيذها تحت إشراف الاتحاد الليبي :
1
ــ نظام الشركات.
2 ــ البنوك.
3 ــ تنظيم
الاستيراد.
4 ــ ضريبة الدخل.
5 ــ الاحتكارات
والامتيازات.
6 ــ الثروات
الموجودة في باطن الأرض والتنقيب عنها والتعدين.
7 ــ الموازين
والمكاييل والمقاييس.
8 ــ التأمين
بأنواعه.
9 ــ إحصاء السكان.
10ــ السفن والملاحة
البحرية.
11 ــ الموانئ
الكبرى التي ترى الحكومة الاتحادية أن لها أهمية تتعلق بالملاحة الدولية.
12 ــ الطائرات
والملاحة الجوية وإنشاء المطارات وتنظيم حركات الطائرات والأعمال الخاصة بإدارة
المطارات.
13 ــ المنارات
والسفن التي تحمل أنوارا للتحذير والشمندورات وغير ذلك مما يعد ضروريا لسلامة
الملاحة البحرية والجوية.
14 ــ وضع النظام
القضائي العام مع مراعاة أحكام الفصل الثامن من هذا الدستور.
15 ــ القانون
المدني والتجاري وقانون العقوبات ولإجراءات المدنية والجنائية والمحاماة.
16 ــ الملكيات
الأدبية والفنية والصناعة والمخترعات وتسجيلها والعلامات الصناعية والتجارية.
17 ــ الصحف والكتب
والمطابع والإذاعات اللاسلكية.
18 ــ الاجتماعات
العامة والجمعيات.
19 ــ نزع الملكية.
20 ــ جميع المسائل
الخاصة بعلم البلاد والنشيد الوطني والعطلات الرسمية.
21 ــ شروط مزاولة
المهن الحرة العلمية والفنية.
22 ــ شئون العمال
والضمان الاجتماعي.
23 ــ النظام العام
للتعليم.
24 ــ الآثار والأماكن
الأثرية والمتاحف ودور الكتب والمؤسسات الأخرى التي يتقرر بقانون تصدره الحكومة
الاتحادية أن لها أهمية وطنية عامة.
25 ــ على المحافظة
على الصحة العامة وتنسيق الأعمال الخاصة بها.
26 ــ الحجر الصحي
والمستشفيات الخاصة به.
27 ــ شروط الترخيص
بمزاولة مهنة الطب وغيرها من المهن الصحية.
و27 نشاطا آخر من صلاحيات الحكومة
الاتحادية التشريعية.
المادة
(37)
يجوز
للحكومة الاتحادية بالاتفاق مع ولاية ما أن تفوض إليها أو إلى موظفيها باختصاصات
تنفيذية متعلقة بمسائل داخلة في صلاحياتها بمقتضى هذا الدستور بشرط أن تتحمل
الحكومة الاتحادية نفقات التنفيذ.
التفويض جائز وقد يكون لولاية دون أخرى.
المادة
(39)
تتولى
الولايات جميع السلطات المتعلقة بالمسائل التي لم يعهد بها هذا الدستور للحكومة
الاتحادية.
المادة
(176)
تتولى
الولايات جميع السلطات التي لم تعهد للحكومة الاتحادية وفقا لأحكام هذا الدستور.
تبدو المادة 176 تكرارا للمادة 39
المادة
(173)
تؤول
إلى كل ولاية حصيلة الضرائب والرسوم الناجمة عن المسائل الداخلة في اختصاصها وفقا
للمادة (39) وكذلك المسائل الداخلة في سلطتها التنفيذية وفقا للمادة (38) من هذا
الدستور.
المادة
(174)
يجب
على الحكومة الاتحادية أن تخصص سنويا مبالغ من إيراداتها للولايات بقدر يمكنها من القيام
بواجباتها وبشرط أن تقل
مقدرتها المالية عما كانت عليه قبل الاستقلال ، ويعين القانون الاتحادي
طريقة تخصيص المبالغ ومداها بصورة تضمن للولايات ازدياد المبالغ التي تخصص لها من
الحكومة الاتحادية ازديادا يتناسب مع الموارد الاتحادية وتكفل لها تقدما اقتصاديا
مطردا.
هل الشرط المذكور شرط تعجيزي؟ .. ثم إن
مصداقية هذا الدستور ومصداقية العهد الملكي محل شك .. (انظر التعقيب على المادة 90
تحت العنوان : أقوال بلا أفعال).
المادة
(177)
تضع
كل ولاية قانونها الأساسي على أن لا يتعارض أحكامه وأحكام هذا الدستور ويتم وضع
هذا القانون وإصداره في مدة لا تتجاوز سنة من تاريخ إصدار الدستور.
لنتصور هذا القانون الذي ينبغي اتساقه مع
الدستور.
المادة
(178)
تلتزم
الولايات باحترام أحكام هذا الدستور وبتنفيذ القوانين الاتحادية على الوجه المبين
في الدستور.
هذه المادة متعلقة بواجبات الولايات لا
بحقوقها.
المادة
(179)
يكون
لكل ولاية حاكم يلقب (بالوالي).
ولكن يعينه الملك ويعفيه من منصبه حسب
المادة 180 السابق ذكرها
المادة
(181)
يمثل
الوالي الملك في الولاية ويشرف على تنفيذ هذا الدستور والقوانين الاتحادية فيها.
هذه المادة متعلقة بواجبات الولايات لا
بحقوقها.
المادة
(182)
يكون
في كل ولاية مجلس تنفيذي.
المادة (183)
يكون
لكل ولاية مجلس تشريعي ينتخب ثلاثة أرباع أعضائه على الأقل.
فما صلاحيات هذين المجلسين؟ ثم ماذا عن
الربع الباقي من أعضاء المجلس التشريعي؟
المادة
(184)
يحدد
القانون الأساسي في كل ولاية اختصاصات الوالي مع مراعاة المادة (181) وكذلك يحدد
اختصاصات المجلس التنفيذي والمجلس التشريعي.
المادة
(188)
للمملكة
الليبية المتحدة عاصمتان هما طرابلس وبنغازي.
هذه المادة غير محمية من التعديل بالمادة
197 .. وعلى الرغم من المادتين 198 ، 199 فقد ألغي النظام الفيدرالي رغم وجود
هاتين المادتين فكيف بإلغاء مادة العاصمتين .. ثم هل وجود عاصمتين للدولة أمر
عملي؟
لم يذكر في الدستور ولو كان على سبيل
الاقتراح أو بمادة مؤجلة توزيع المؤسسات بين عاصمتي الدولة.
تهميش دور مجلس الشيوخ
وأما بخصوص تهميش دور مجلس الشيوخ فذلك
ما يبدو من المواد التالية :
المادة
(97)
يعين
الملك رئيس مجلس الشيوخ ، وينتخب المجلس وكيلين وتعرض نتيجة الانتخاب على الملك
للتصديق عليها ويكون تعيين الرئيس وانتخاب الوكيلين لمدة سنتين ويجوز إعادة تعيين
الرئيس وانتخاب الوكيلين.
المادة
(139)
كلما
اجتمع المجلسان بهيئة مؤتمر تكون الرئاسة لرئيس مجلس الشيوخ وفي حالة غيابه يتولى
الرئاسة رئيس مجلس النواب.
الرئاسة لرئيس مجلس الشيوخ ربما لأنه
معين من الملك .. أو ربما اختص الملك بتعيينه لأن له الرئاسة .. في هذا الدستور
فتش عن الملك.
المادة
(138)
للملك
ولمجلسي الشيوخ والنواب حق اقتراح القوانين عدا ما كان منها خاصا بالميزانية أو
بإنشاء الضرائب أو بتعديلها أو الإعفاء من بعضها أو إلغائها فاقتراحه للملك ولمجلس
النواب.
أي أن هذه الأخيرة ليس من حق مجلس الشيوخ
اقتراحها.
المادة
(86)
الوزراء
مسئولون تجاه مجلس النواب مسئولية مشتركة عن السياسة العامة للدولة وكل منهم مسئول
عن أعمال وزاراته.
المسئولية
أمام مجلس النواب ولا علاقة لمجلس الشيوخ بذلك.
المادة
(160)
تكون
مناقشة الميزانية وتقريرها في مجلس النواب أولا.
تعرض على مجلس الشيوخ بعد مجلس النواب
فإذا لم يقرها مجلس النواب لم يناقشها مجلس الشيوخ كما جاء في المادة التالية
:
المادة
(121)
كل
مشروع قانون رفضه أحد المجلسين لا يجوز تقديمه ثانية في الدورة ذاتها.
بالربط بين المادتين يظهر تقزيم مجلس
الشيوخ.. (انظر ما تحت العنوان : مواد متهمة بالاختلاف أو بالتناقض).
المادة
(171)
إذا
استحكم الخلاف بين مجلس النواب ومجلس الشيوخ على تقرير باب من أبواب الميزانية يحل
بقرار يصدر من المجلسين مجتمعين بهيئة مؤتمر بالأغلبية المطلقة.
والتصويت بالعودة للمادة 140 يتم بموافقة
22 عضوا فأكثر كما هو مبين فيما يلي :
حضور النواب لا يقل عن 29 عضوا.
حضور الشيوخ لا يقل عن 13 عضوا.
أي أن عدد الحاضرين بالمؤتمر لا يقل عن 42
عضوا.
عدد الموافقين لا يقل عن 22 عضوا.
ما يخدم مجلس النواب غالبا.
المادة
(196)
للملك
ولكل من المجلسين اقتراح تنقيح هذا الدستور بتعديل أو حذف حكم أو أكثر من أحكامه
أو إضافة أحكام أخرى.
المادة
(198)
لأجل
تنقيح هذا الدستور يصدر كل من المجلسين بالأغلبية المطلقة لأعضائه جميعا قرارا
بضرورته وبتحديد موضوعه ، ثم بعد بحث المسائل التي هي محل للتنقيح يصدر المجلسان
قرارهما في شأنها، ولا تصح المناقشة والاقتراع في كل من المجلسين إلا إذا حضر ثلثا
أعضائه ، ويشترط لصحة القرارات أن تصدر بأغلبية ثلثي الأعضاء الحاضرين في كل من
المجلسين وأن يصدق عليها الملك.
في هذه المادة فقط يقتسم مجلس الشيوخ
القرار مع مجلس النواب ويكون ندا له .. ولكن هل استطاع مجلس الشيوخ منع إلغاء
النظام الفيدرالي؟
المادة
(199)
في
حالة تنقيح الأحكام الخاصة بشكل الحكم الاتحادي يجب زيادة على الأحكام المقررة في
المادة السابقة موافقة جميع مجالس الولايات التشريعية على التنقيح المقترح ، وتتم
هذه الموافقة بقرار يصدره المجلس التشريعي لكل ولاية في هذا الشأن قبل عرض التنقيح
على الملك للتصديق عليه.
لم تحدد المادة 199 نصابي الحضور والتصويت
للمجلس التشريعي للولاية .. ربما ترك ذلك للنظام الداخلي لكل مجلس على حدة.
هل التزم بالفعل بهاتين المادتين 198 ، 199
حين إلغاء النظام الفيدرالي؟
من كلمة للملك يعبر فيها عن سروره الشديد
بإلغاء النظام الفيدرالي يذكر في مستهلها أن الإلغاء وافقت عليه المجالس النيابية
والتشريعية بالإجماع.
فشل مجلس الشيوخ في منع إلغاء النظام
الفيدرالي متوقع لأمور منها : عدم مصداقية العهد الملكي ، وبالنسبة لبرقة عدم ولاء
كل أعضاء برقة لبرقة ، وشكلية النظام الفيدرالي ومؤسساته.
مواد مؤجلة
المواد المؤجلة هي المواد التي تركت
تفاصيلها إلى حين إصدار قوانين الاختصاصات والإجراءات التنفيذية اللازمة بشأنها ..
ووجود هذه المواد في الدستور ليس عيبا في ذاته .. فنصوص الدساتير من طبيعتها
الإيجاز والإجمال ولكن كثرتها في دستور ما يجعل الاستفتاء عليه بالموافقة بمثابة
إعطاء صك على بياض للمشرع المستقبلي. .. كما أن هذه القوانين المزمع إصدارها لا
نعرف على وجه اليقين ما صدر منها وما لم يصدر ولا يمكننا كمواطنين معنيين الآن
بالاستفتاء على هذا الدستور بعد تعديله المزمع للمرة الثالثة (الأولى عام 1962
والثانية عام 1963) الوصول بسهولة لما تم إصداره منها لنبدي رأينا فيها باعتبارها
نصا مكملا للدستور أمام هذا الإلحاح غير المفهوم على العودة لهذا الدستور القديم
.. وحتى وإن تمكن البعض من الوصول إليها وهو أمر مستبعد فلن يجد الوقت للإلمام بكل
تفاصيلها.
وقد بلغ عدد المواد المؤجلة التي يبدو أن
قوانينها لم تنجز سريعا 18 مادة وهي المواد :
6
، 9 ، 26 ، 56 ، 57 ، 91 ؟؟ ، 92 ، 109 ، 131 ، 148 ، 154 ، 159 ، 166 ، 170 يحدد
نظام النقد بقانون اتحادي ، 187 اللغة الأجنبية ، 191 وضع الأجانب ، 194 القوات
المسلحة ، 200 المهاجرة.
وهناك مواد يبدو أن قوانينها منجزة بالنسبة
لدستور 1951 وهي المواد :
127
قانون الانتخاب الاتحادي (انظر المادة 204 من دستور 1951).
141
يعين القانون الاتحادي النظام القضائي العام للدولة وفق أحكام هذا الدستور.
153
قانون اتحادي ينظم باستئناف أحكام محاكم الولايات المتعلقة بهذا الدستور أما
المحكمة العليا.
ونصوص مواد المجموعتين ال21 بقيت كما هي في
دستور 1963
المادة المؤجلة الوحيدة التي تغير نصها هي
المادة 204 :
في دستور 1951 :
المادة
(204)
تضع
الحكومة الاتحادية المؤقتة قانون الانتخاب الأول لمجلس الأمة على أن لا يتعارض
وأحكام هذا الدستور ، ويعرض القانون على الجمعية الوطنية للموافقة عليه وإصداره.
ويجب أن يتم إصدار هذا القانون في ميعاد لا يتجاوز الثلاثين يوما من تاريخ إصدار
الدستور.
مؤجلة بمدة محددة (شهر كحد أقصى ابتداء من
7/10/1951)
في
دستور 1963 عدلت فصارت :
جميع القوانين والتشريعات والأوامر والإعلانات
المعمول بها في أي جزء من ليبيا وقت نفاذ هذا القانون تظل سارية بالقدر الذي لا
يتعارض مع أحكام التعديل الدستوري المستحدث ، وذلك إلى أن تنقضي أو تلغى أو تعدل
أو تستبدل بها تشريعات أخرى تسن وفقا للقواعد المبينة في هذا الدستور.
ومحافظة المواد المؤجلة على نصوصها في
الدستورين من الأمور المحيرة (انظر العنوان : ألغاز المملكة).
من أمثلة المواد المؤجلة :
المادة
(56)
تعين
مخصصات الملك والبيت المالك بقانون اتحادي ، ولا يجوز نقصها في مدة حكمه ولكن يمكن
زيادتها بقرار من مجلس الأمة. ويحدد القانون مرتبات نواب وأوصياء العرش على أن
تؤخذ من مخصصات الملك.
المادة
(187)
تحدد
بقانون اتحادي الأحوال التي يجوز فيها استعمال لغة أجنبية في المعاملات الرسمية.
ومشكلة اللغة من المشاكل التي واجهت لجنة
ال60 الحالية .. فهل صدر هذا القانون؟ وأين هو؟ وكيف عالجها؟
هناك مادة أخرى تناولت مشكلة اللغة وهي
المادة 24.
المادة
(24)
لكل
شخص الحرية في استعمال أية لغة في المعاملات الخاصة أو الأمور الدينية أو الثقافية
أو الصحافية أو أية مطبوعات أخرى أو في الاجتماعات العامة.
المادة
(6)
يعين
شعار الدولة ونشيدها الوطني بقانون اتحادي.
النصاب وشجونه
عدد أعضاء مجلس النواب حينما صودق على الدستور كان 55 عضوا موزعة على النحو
الآتي : 35 عن طرابلس ، 15 عن برقة ، 5 عن فزان .. كما جاء في المادة 206 .. وحتى
بعد إحصاء 1954 وأخذه في الاعتبار فلا يتوقع أن يتقلص الفارق بين طرابلس وبرقة
كثيرا.
المادة
(101)
يحدد
عدد النواب على أساس نائب واحد عن كل عشرين ألفا من السكان أو عن كل جزء من هذا
العدد يجاوز نصفه.
المادة
(206)
في
الانتخابات الأولى لمجلس النواب ، وإلى أن يتم إحصاء سكان ليبيا يكون لولاية برقة
خمسة عشر نائبا ولولاية طرابلس الغرب خمسة وثلاثون نائبا ولولاية فزان خمسة نواب.
والأغلبية المطلقة بالنسبة لمجلس النواب لا
تقل عن نصفه مضافا إليه واحدا أي 29 عضوا فأكثر.
وعدد أعضاء مجلس الشيوخ 24 عضوا وأغلبيته المطلقة 13 عضوا فأكثر.
وإذا اجتمع المجلسان على هيئة مؤتمر فأغلبيته المطلقة لا تقل عن نصف مجموع
المجلسين مضافا إليه واحد أي 40 عضوا فأكثر .. ولكن إذا جزأنا الأغلبية لكل مجلس
على حدة فالعدد يرتفع إلى 42 فأكثر.
والنصاب نوعان : نصاب الحضور ونصاب
التصويت.
عدد المواد التي تعلقت بالتصويت سواء أنصت
على النصاب أم لم تنص عليه 25 مادة منها مواد تعتبر من مواد النصاب العامة مثل
المواد 116 ، 117 ، 140.
المادة
(116)
لا تعتبر جلسات المجلسين صحيحة
إلا إذا حضر أغلبية الأعضاء
عند افتتاح الجلسة ولا يجوز لأي من المجلسين أن يتخذ قرارا إلا إذا حضر الجلسة عند
اتخاذ القرار أغلبية أعضائه.
حضور النواب يشترط ألا يقل عن 29 عضوا.
حضور الشيوخ يشترط ألا يقل عن 13 عضوا.
المادة
(117)
تصدر
القرارات في كل من المجلسين بأغلبية
الحاضرين في غير الأحوال المشترط فيها أغلبية خاصة ، وإذا تساوت الأصوات عد
الأمر الذي حصلت المداولة فيه مرفوضا.
ملاحظة : مع مراعاة المادة 116
تصويت النواب يشترط ألا يقل عن 16 عضوا.
تصويت الشيوخ يشترط ألا يقل عن 8 أعضاء.
المادة
(118)
يكون
تصويت كل من المجلسين في المسائل المعروضة عليه وفقا للطريقة التي يبينها نظامه
الداخلي.
المادة
(140)
لا
تعد جلسات المؤتمر صحيحة إلا إذا توفرت الأغلبية المطلقة لأعضاء كل من المجلسين
اللذين يتألف منهما المؤتمر.
وربما وظف النصاب أحيانا فتم التشدد فيه
حينا والتساهل فيه حينا آخر .. من أمثلة المواد ذات النصاب المتشدد المادتان 198 ،
199 الخاصتين بتعديل الدستور .. ومن الأمثلة على النصاب المتساهل المواد :
المادة
(61)
لا
يتولى الملك عرشا خارج ليبيا إلا بعد موافقة مجلس الأمة.
المادة
(69)
يعلن
الملك الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات ويصدق عليها بعد موافقة مجلس الأمة.
مواد متهمة بالاختلاف أو بالتناقض
وقد صنفت في مجموعات ثلاث
المجموعة
الأولى :
المادة
(64)
إذا
طرأت أحوال استثنائية تتطلب تدابير مستعجلة ولم يكن مجلس الأمة منعقدا فللملك الحق
أن يصدر بشأنها مراسيم يكون لها قوة القانون على أن لا تكون مخالفة لأحكام الدستور
، وتعرض هذه المراسيم على مجلس الأمة في أول اجتماع له ، فإذا لم تعرض أو لم يقرها
أحد المجلسين زال ما كان لها من قوة القانون.
المادة
(164)
يجوز
فيما بين أدوار الانعقاد وفي فترة حل مجلس النواب تقرير مصروفات جديدة غير واردة
بالميزانية ونقل مبلغ من باب إلى آخر من أبواب الميزانية إذا كان ذلك لضرورة
مستعجلة وعلى شرط أن يكون بمراسيم ملكية تعرض على مجلس الأمة في ميعاد لا يتجاوز
الشهر من اجتماعه التالي.
ثمة اختلاف بين المادتين .. ففي المادة 64
تعرض المراسيم على مجلس الأمة في أول اجتماع له وفي المادة 164 مددت فرصة العرض
لتكون شهرا من تاريخ الاجتماع الأول.
كما لم تحدد مدة سريان المراسيم وترك
الأمر متعلقا بالاجتماع الأول الذي قد يتأخر ويترتب على المراسيم ما قد يترتب ..
ثم ما المغزى من التساهل في المادة 64 بالاكتفاء بموافقة أحد المجلسين؟ .. هل نقول
: فتش عن الملك؟
المجموعة
الثانية :
المادة
(90)
لا
يجوز للوزراء أن يتولوا أية وظيفة عامة أخرى في أثناء توليهم الحكم أو أن يمارسوا
أية مهنة أو أن يشتروا أو يستأجروا شيئا من أملاك الدولة أو يؤجروها أو يبيعوها
شيئا من أموالهم أو يقايضوها عليه، ولا أن يدخلوا بصورة مباشرة أو غير مباشرة في
التعهدات والمناقصات التي تعقدها الإدارة العامة أو المؤسسات الخاضعة لإدارة
الدولة أو مراقبتها ، كما لا يجوز لهم أن يكونوا أعضاء في مجلس إدارة أية شركة أو
أن يشتركوا اشتراكا فعليا في عمل تجاري أو مالي.
المادة
(109)
لا
يجوز الجمع بين عضوية مجلس الشيوخ وعضوية مجلس النواب ، ولا يجوز الجمع بين عضوية
مجلس الأمة وعضوية مجالس الولايات التشريعية ولا أي وظيفة عامة وفيما عدا ذلك
يحدد قانون الانتخاب الاتحادي أحوال عدم الجمع الأخرى.
المادة 90 من أفضل مواد هذا الدستور وهي
متسقة مع المادة 109 ولكن هل تتسقان مع المواد 83 ، 88 ، 126؟
المادة
(83)
يجوز
الجمع بين الوزارة وعضوية مجلس الأمة.
المادة
(88)
للوزراء
أن يحضروا جلسات المجلسين ، ويجب أن يسمعوا كلما طلبوا الكلام ، ولا يجوز أن
يشتركوا في التصويت إلا إذا كانوا أعضاء ، ولهم الاستعانة بمن يختارون من موظفي
وزارتهم أن ينيبوهم عنهم ، ولكل مجلس أن يطلب من أي وزير حضور جلساته عند الضرورة.
المادة
(126)
لا
يمنح أعضاء مجلس الأمة رتبا ولا أوسمة
أثناء مدة عضويتهم ، ويستثنى من ذلك الأعضاء الذين يتقلدون مناصب حكومية لا
تتنافى مع عضوية مجلس الأمة ، كما تستثنى الرتب والأوسمة العسكرية.
المجموعة
الثالثة :
المادة
(121)
كل
مشروع قانون رفضه أحد المجلسين لا يجوز تقديمه ثانية في الدورة ذاتها.
المادة
(160)
تكون
مناقشة الميزانية وتقريرها في مجلس النواب أولا.
المادة
(171)
إذا
استحكم الخلاف بين مجلس النواب ومجلس الشيوخ على تقرير باب من أبواب الميزانية يحل
بقرار يصدر من المجلسين مجتمعين بهيئة مؤتمر بالأغلبية المطلقة.
المادتان 121 ، 160 متسقتان كما يبدو ..
لكنهما لا تتسقان مع المادة 171 .. ولعل معترضا يقول : أن المادة 171 تختص
بالميزانية .. إذا كان ذلك كذلك وجب ذكر هذا الاستثناء في المادة 121.
أقوال بلا أفعال
المادة
(90)
لا
يجوز للوزراء أن يتولوا أية وظيفة عامة أخرى في أثناء توليهم الحكم أو أن يمارسوا
أية مهنة أو أن يشتروا أو يستأجروا شيئا من أملاك الدولة أو يؤجروها أو يبيعوها
شيئا من أموالهم أو يقايضوها عليه، ولا أن يدخلوا بصورة مباشرة أو غير مباشرة في
التعهدات والمناقصات التي تعقدها الإدارة العامة أو المؤسسات الخاضعة لإدارة
الدولة أو مراقبتها ، كما لا يجوز لهم أن يكونوا أعضاء في مجلس إدارة أية شركة أو
أن يشتركوا اشتراكا فعليا في عمل تجاري أو مالي.
هذا نص هذه المادة في الدستورين .. ولكن على
سبيل المثال فقد تولى مصطفى بن حليم رئاسة مجلس الوزراء وهو من كبار رجال
الأعمال ولشركاته فروع في أوروبا ومعه شركاء أجانب .. وهذه المخالفة الدستورية
ارتكبها الملك نفسه مع بن حليم ومرات أخرى مع غيره بما له من صلاحية تعيين
رئيس الوزراء والتصديق على اختيار الوزراء .. ولم نقرأ
في وثائق عهد المملكة أية اعتراضات على ذلك .. وهذا السكوت المريب يجعل الثقة في
مؤسسات المملكة محل نظر.
ألغاز المملكة
من
هذه الألغاز :
1
ــ بقاء كل المواد المؤجلة في دستور 1951
باستثناء واحدة كما هي في دستور 1963 مثل نص المادة 6 كما لو أن الدولة قد
ظلت بدون شعار وبدون نشيد معترف بهما دستوريا حتى عام 1965م وربما حتى سقوط
المملكة عام 1969م (انظر العنوان : مواد مؤجلة).
2
ــ بقاء مجلس الشيوخ حسب دستور 1963 رغم إلغاء نظام الولايات الذي ينتخب أو يعين
على أساسه.
3
ــ هذا العبث الذي تعرض له الفصل الثامن الخاص بالقضاء في دستور 1963 .. يمكن
ملاحظة ذلك بالمقارنة بين المواد من المادة 141 إلى المادة 149 .. أي مقارنة صيغتي
المادة في الدستورين .. كما تم إلغاء بعض المواد بصورة غير مبررة.
رب دقيق ملاحظة يلاحظ أن هذه الألغاز لها
علاقة بدستور 1963 لا بدستور 1951 موضوع البحث .. وهذا صحيح .. ولكن نحن نناقش
وثيقة تتعلق بعهد سياسي بولغ في مديحه فإذا كان هذا حاله من الغموض والارتباك
والتناقض بعد سنة 1963م فما حاله قبلها؟
4
ــ النص التشريعي الذي وضع عام 1951 م سمي دستورا .. والنص التشريعي الذي وضع عام
2011 م سمي إعلانا دستوريا .. والنصان لم تضعهما هيئة منتخبة ولم يطرحا للاستفتاء
.. فلم اختلفا في التوصيف والتسمية؟ .. هل للأمر علاقة بعدد المواد؟
حينما يهجو النظام نفسه
استخدام الوسيلة لمرة واحدة أو إنكار
الوسيلة أو أن تحلل الوسيلة لنفسك وتحرمها على الآخرين .. هذا ما وقع فيه بعض من
شارك في إسقاط القذافي عام 2011 بالاستعانة بالخارج ثم حينما استخدمت هذه الوسيلة
ضده استنكرها بحجة الحرص على السيادة .. ووقع فيه القذافي نفسه حينما وصل للسلطة
بانقلاب عسكري وقضى حياته بعد ذلك في هجاء الانقلابات والتحذير منها .. ويبدو أن
شيئا من إنكار الوسيلة هذا قد وقع من الملك في دستوره .. فلطالما ذكر إعلام
المملكة الناس بالعرائض الموقعة من أناس في شرق ليبيا وغربها يبايع فيها أشخاص
ليسوا مخولين من الشعب الأمير إدريس يومها باسم الشعب .. وكانت تلك العرائض دليلا
يبرز ويذكر كلما حامت حول شرعية الملك الأقاويل .. ولكن المادة 27 تقول أن مخاطبة
السلطات باسم الجموع .. والتحدث باسم الجموع بصفة عامة أمر غير جائز.
المادة
(27)
للأفراد
أن يخاطبوا السلطات العامة فيما يعرض لهم من الشئون وذلك بكتابات موقعة بأسمائهم ،
أما مخاطبة السلطات باسم المجاميع فلا تكون إلا للهيئات النظامية أو الأشخاص
المعنوية.
ومما يجدر ذكره .. أن التحدث باسم الجموع
دون تفويض منها كان شائعا في عهد القذافي أيضا وهو مازال رائجا حتى الآن سواء أكان
على هيئة مبايعات أو بيانات تأييد أو استنكار .. "نحن أبناء قبيلة ... نبايع
...." .. " نستنكر .." .. "بيان قبيلة ..." .. "
بيان مدينة ..." .. "بيان أهالي برقة ..... ".
المادة 27 تقول بأن كل هذا هراء بصرف النظر
عن الشخص المستهدف أو المستفيد منه أكان أميرا أم ملكا أم قائدا هماما.
المادة
(26)
حق
تكوين الجمعيات السلمية مكفول وكيفية استعمال هذا الحق ينظمها القانون. أما
الجمعيات السرية والجمعيات التي ترمي إلى تحقيق أهداف سياسية بواسطة منظمات ذات
صبغة عسكرية فتكوينها محظور.
الحظر هنا يشيه أن يحظر القذافي الانقلابات
العسكرية وأن يحظر الصادق الغرياني الاستعانة بالخارج.
الجمعية ذات الجناح العسكري التي ترمي لتحقيق
أهداف سياسية كانت وسيلة السنوسيين المفضلة ويريدون حظرها لكي لا يستخدمها غيرهم.
من الطريف أن هذه المادة صارت في دستور 1963
هكذا :
المادة
(26)
حق
تكوين الجمعيات السلمية مكفول وكيفية استعمال هذا الحق ينظمها القانون.
وسكت عن الجمعيات السرية أو ذات الجناح
العسكري كما لو أنه سكوت إباحة.
أبشع وأقذع هجاء لنظام معين أن يضع هذا النظام في وثائقه
الدستورية مادة مثل هاتين المادتين يجرم فيهما وسائله القديمة التي استخدمها ذات
يوم للوصول للسلطة.
احذروا الفخاخ
تحت هذا العنوان ثمة أسئلة يمكن طرحها :
لماذا هذا التلهف على وضع دستور لليبيا؟ أليست برقة هي الحلقة الأضعف بتركيبتها
الديموغرافية العجيبة؟ فهل استطعنا تأمينها من
خطر التهميش والانتقام حتى نظهر كل هذه اللهفة لقيام دولة ربما لن تقوم إلا
على أنقاضها؟
ثم
أن العودة لدستور 1951 الذي عرضنا بعض مشاكله قد تكون مدخلا للمطالبة بالعودة لما
يسمى بالشرعية الدستورية .. فقد يقال : ماذا تبقى؟ .. لقد أخذتم من العهد الملكي
العلم والنشيد والدستور (حتى وإن نسفه التعديل نسفا) فأحضروا الأمير ..فقد تكون
هذه المطالبة بالعودة لدستور 1951 فخا لإعادة النظام الملكي .. وحينها سوف نكون قد
زدنا صف برقة فرقة وشقاقا.
حلقة مفرغة
لمن يقولون بتعديل هذا الدستور نقول :
إن صيانة هذا الدستور تعادل وضع دستور جديد .. إذ على سبيل المثال لمن نمنح
صلاحيات الملك الخطيرة؟ ولمن نسلم رءوسنا ومستقبلنا مرة أخرى على بياض؟ وغير ذلك
من المثالب التي بالدستور وقد عرضنا بعضها .. ثم لو كان التعديل مقصودا به وضع
دستور لبرقة لكان الأمر أكثر سهولة ولكن المراد به وضع دستور لليبيا ولذلك سوف
تواجه أية لجنة جديدة المعيقات ذاتها التي واجهت لجنة ال60 الحالية .. ذلك بأن هذا
التأخير من اللجنة الحالية الذي يبدو لنا مقصودا ويفسره البعض بسوء الظن بها أرى
أنه جاء بسبب وجود أزمة حقيقية نحاول إنكارها يعانيها هذا الكيان المسمى ليبيا ..
يبدو بل من المؤكد أن العيب في ليبيا وليس في الهيئة.
أفضل الإبقاء على الوضع الحالي وعدم
الانسياق وراء أبناء إبراهيم الجضران الروحيين قبل وجود ضمانات حقيقية لمستقبل
برقة.
إبراهيم الجضران الأب الروحي
كل الذين حكموا ليبيا أو يطمحون لحكمها هم
بمثابة الأبناء الروحيين لأب روحي ضخم خارج قوانين الزمن يدعى إبراهيم الجضران ذلك
لأنه نطق بلسان حالهم فقال : برقة الانطلاقة وليبيا الهدف .. بينما كان لسان حالهم
يقول : برقة الانطلاقة أما الهدف فقد يكون ليبيا وقد يكون أبعد من ذلك .. هؤلاء
جميعا يتخذون برقة مطية إلى أهدافهم المتفرقة فهل تقبل برقة دائما بدور المطية؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)
في العنوان استئناس بالجزء الأول من الآية 219 من سورة البقرة : {يسألونك عن الخمر
والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما}.
من
7/6/2017 إلى 1/7/2017
الصيغة الثانية بتصحيح بعض
الأخطاء وإضافة مثال على فرز الاختصاصات.
14/10/2022
طرحت في هذا المقال تساؤلات ومخاوف عديدة تأكد لي صدقها
بعدما أطلعت على محاضر لجنة الستين
من هذه التساؤلات والمخاوف :
" كما أن قراءة الدستور قراءة دقيقة تبين أن دور الآباء
والأجداد محدود إن لم يكن معدوما".
" أخشى أن مساهمة الآباء والأجداد من برقة
تحديدا في صناعة هذا الدستور مثل مساهمة أبو بكر بعيرة في اتفاق الصخيرات".
24/12/2022 :
وبعد اطلاعي على محاضر
لجنة الستين أو كما تسمى : محاضر الجمعية الوطنية التأسيسية الليبية .. وكتاب سالم
الكبتي : الدستور في ليبيا تاريخ وتطورات .. وكتاب إدريان بيلت : استقلال ليبيا
والأمم المتحدة حالة تفكيك ممنهج للاستعمار ترجمة محمد زاهي بشير المغيربي (الجزء
الأول والثاني وإن كنت في بداية الاطلاع على هذا الكتاب) .. توسعت معرفتي بهذا
الدستور وتعززت مخاوفي من وجود خديعة ما في عدة أمور لعل من أهمها كذبة أن هذا
الدستور قد وضعه من يسمون بالآباء الموسسين (على مستوى المكون الأقدم في برقة كانت
السيطرة في الجمعية لأربعة أعضاء فقط وهم يمثلون جمعية عمر المختار انتماء أو
اتجاها .. أما القبائل التي دفعت الضريبة الكبيرة قبل الاستقلال المزعوم فلا صوت
لها .. انظر محاضر ص 26 حيث الوثائق والمعلومات لدى عمر فائق شنيب).
إنه كما أن دستور العراق بعد سقوط صدام سمي بدستور برايمر
ومسودة الدستور عام 2016 سميت بدستور صلالة ومسودة عام 2017 سميت بدستور كشلاف فإن
دستور 1951 يستحق أن يسمى بدستور إدريان بيلت : انظر المحاضر ص 17 ، 21 ، 22 ، 23
وتسميته بهذا تحقق هدفين نبيلين : إنصاف إدريان بيلت إذا اتفقنا على أن هذا
الدستور جيد .. وإنصاف الحقيقة وحمايتها من التزوير.
كما تأكد لي ضعف الشكل الفيدرالي الذي تبناه وتأكد
لي وجود نية لدى المهيمنين على الجمعية لإلغاء الفيدرالية في المستقبل (انظر محاضر
الجمعية ص 9 ، 30 ، 31) .. كما أنه لا توجد ضمانات حتى للمحافظة على هذه الصيغة
الضعيفة من الفيدرالية.
بعد اطلاعي على هذه المراجع لربما أعيد
كتابة هذا المقال بما يؤكد بالأدلة على ما جاء في هذه النسخة.