الاثنين، 26 يونيو 2023

مقارنة بين الصوفية والسلفية

 

هذه المقالة سوف تعدل إن شاء الله تعالى

مقارنة بين الصوفية والسلفية

 

قانون كريشام في الأيديولوجيا     

 

    بداية علي المجازفة بالقول أنه ثمة تناقص في شعبية التيار السلفي وازدياد في شعبية الصوفية، هذه الملاحظة ربما ترفض من البعض ممن يرون العكس، وتناقص الشعبية هذا ــ حسب تقدير شخصي ــ يعلل بأسباب منها :

1 ــ نشوء التباس عند العامة بين التيار الجهادي الذي يتبنى العنف ويدعو في بعض تجلياته لإعادة إحياء الخلافة والسلفية؛ والحق أن في هذا الالتباس ظلما كبيرا للتيار السلفي.

2 ــ تمسك التيار السلفي بالنص حرفيا دون وضع أثر اختلاف المكان والزمان في الفتوى في الاعتبار؛ هذا الأثر حينما لاحظه الشافعي أدى ذلك به إلى تغيير فتاواه وتعديلها، رغم أن الاختلاف كان بالنسبة له مكانيا فحسب، فكيف لو أضفنا إليه الاختلاف الزماني الذي يتجاوز الآن الـ 12 قرنا على أقل التقدير؟.

3 ــ ميل التيار السلفي غالبا نحو التعسير لا إلى التيسير وذلك باختيار الفتاوى المتشددة حتى في وجود الفتاوى الأقل تشددا، مثال ذلك الإصرار على أن تكون زكاة الفطر عينية في وجود فتاوى بجواز إخراجها نقدا، رغم أن في هذا الإصرار مخالفة للقاعدة الأصولية : (لا ضرر ولا ضرار)، إذ أن جعل الزكاة عينية يضر بالمتصدق الذي يشتري السلعة بسعر مرتفع ويضر بالمستفيد (الفقير) حينما يبيع السلعة بسعر منخفض، والرابح في هذه العملية هم التجار؛ كما أن في هذا الإصرار اغفالا لمراعاة الحكمة من هذه الصدقة وهي مصلحة الفقير، وإغفالا للقول بأن الأعمال بالنيات؛ وعرض هذا التمسك عديم المرونة السلفية للسخرية والتندر(1).

     ومثال آخر هذا الصراخ السلفي الذي يرتفع كل سنة في 12 ربيع الأول، ويستغله الصوفية أفضل استغلال في اكتساب شعبية عمياء قد تؤدي إلى كوارث مستقبلية، وكان من الحكمة القول بالتوقف إزاء هذه العادة حيث لا يوجد فيها نهي صريح؛ كما أنها لا تقع على الأرجح في المنطقة الحمراء بل في المنطقة الصفراء من الآية : {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً{48} النساء(2).

4 ــ الحكم بالسلفي على السلفية، وذلك باتهام السلفية بسلوكيات بعض المنتمين إليها.

5 ــ غياب الكياسة والفطنة غالبا التي ينبغي أن يتصف بها المؤمن : {المؤمن كيس فطن}؛ فلا يكفي أن يكون الفكر مقنعا في ذاته بل ينبغي أن يقدم بصورة مقنعة، وأحيانا تطغى أهمية التقديم على أهمية المحتوى المقدم؛ وكم أساء إلى الأفكار مروجوها.

6 ــ الانقلاب الأيديولوجي الذي وقع في السعودية على يد ولي العهد محمد بن سلمان، والذي جعل كثيرا من التابوات القديمة التي أكدها رموز السلفية هناك تنهار؛ هذا الانقلاب الذي وقف شيوخ السلفية في السعودية أمامه موقف الصامت أحرج التيار السلفي عندنا، وجعل تشددهم (فيما تساهل شيوخهم إزاءه هناك) غير مستساغ.

    هذه المآخذ الستة التي هي مآخذي ومآخذ غيري على السلفية، قد تؤدي إلى هيمنة الصوفية وينطبق على المشهد الأيديولوجي (صوفية ، سلفية) حينها ما ينطبق على السوق والنقود بحسب مبدأ أو قانون كريشام : (النقود الرديئة تطرد النقود الجيدة من السوق)، وإذا ما هيمنت الصوفية فسوف يتحمل التيار السلفي وزر ذلك لافتقاره لكياسة الداعية وفطنته.

المقارنة

ر.م

وجه المقارنة

السلفية

الصوفية

1

من حيث الخطاب العنصري

ليس لدى السلفية أي خطاب عنصري يدعي وجود جينات مقدسة في الإسلام : فلا تسمع سلفيا يقول : أنا من الأشراف أو من السادة.

الصوفية تبني خطابها على هذه الدعوى بالدرجة الأولى، وهي دعوى عنصرية منشأها مريب يراد إلصاقها بالإسلام وهو برئ منها تماما.

2

العلاقة بالشيخ

علاقة السلفي بشيخه علاقة تلميذ بمعلم ولا توجد بها بيعة.

علاقة المريد بشيخه علاقة تصل غالبا إلى حد التأليه وبها بيعة تقتضي التسليم بما يقوله الشيخ وما يفعله مهما كان خارجا عن العقل والنقل.

3

من حيث المحاججة

السلفي يعود في أرائه إلى كتب الفقه والتفاسير ويستخدم الأسلوب العلمي في المحاججة من حيث تخريج النصوص والأسانيد؛ وإن كان ما يعيبه هو بعض التحجر أمام النصوص.

يعتمد على الأدلة الذاتية المستمدة من الشيخ ذاته بناء على ادعاءات لا يمكن التأكد من صحتها؛ من قبيل إدعاء الشيخ رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ورؤية الخضر عليه السلام في النوم وفي اليقظة، والرواية عنهما، واطلاعه على اللوح المحفوظ، وهذه الروايات تعتمد عند الاتباع كما لو أنها نص قطعي الثبوت والدلالة(3).

4

الموقف من الدولة الوطنية

تحترم السلفية الدولة الوطنية، ولا تنساق وراء دعاوى إحياء الخلافة التي قامت (أي الخلافة) وسقطت في ظروف أفضل من الظروف المعاصرة لعوامل داخلية لا يتسع المقام لتناولها؛ وإذا وجد ارتباط سلفي بالخارج فهو متعلق باستيراد الفتوى التي صار من الممكن توطينها.

الصوفية مثل داعش لا تعترف بحدود الدولة الوطنية، وسلطة شيخ الطريقة تنافس بل تفوق سلطة الحكومة المحلية، وبذلك تخلق انتماء موازيا على حساب الانتماء الوطني.

5

من حيث التنظيم

يقتصر دور السلفية على الفتوى وما يدور في فلكها، ويعمل السلفي كموظف تابع للدولة الوطنية أثناء قيامه بهذه المهمة؛ ولا يرتبط بالسلفي الآخر بأي رباط تنظيمي، كما أنه لا يقوم بجمع الأموال لصالح الحركة أو التيار، وإذا حدث ذلك فيكون سلوكا فرديا وبالمخالفة فحسب.

يلعب التنظيم الإداري دورا مهما وخطيرا عند الطرق الصوفية ويشمل جمع الأموال بعدة حجج لصالح الزاوية وإدارتها ما يجعل الزوايا دولا لها امتدادات خارجية داخل الدولة، وتوظف هذه الثروات في تحقيق أهداف أخرى.

6

من حيث المنطقة الحمراء والصفراء

يتشدد السلفي في المنطقة الصفراء ويعاملها معاملة المنطقة الحمراء، ما يوقعه في التنفير والتعسير.

يتساهل الصوفي مع المنطقة الحمراء ويعاملها معاملة المنطقة الصفراء ما يوقعه في الشرك وإفساد العقيدة.


      من المقارنة السابقة كفة السلفية هي الأرجح، ولكن على أرض الواقع العكس هو الصحيح للأسف؛ واللوم يقع على دعاة السلفية.

......................................

(1) مثال من أمثلة كثيرة من حالات التندر على السلفية .. الرابط :

https://www.facebook.com/kairi.gadah/posts/pfbid02qSbqeTg6bBFYrm7pucoj4WvaSo4L5dqrqvti2rLX2TsntxoXrQRLn6gCtBP2tSM8l

 

(2) بالآية الكريمة منطقتان، إذا استعرنا إشارات المرور للتوضيح : منطقة حمراء لا غفران فيها وهي : {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ}، ومنطقة صفراء قد تكون الإشارة بعدها خضراء (أي الغفران)، وقد تكون حمراء (أي عدم الغفران) وهي : { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ}، فأين تقع عادة العصيدة بالنسبة لهاتين المنطقتين؟.

(3) عند الصوفية الرؤيا (المنامية) والرؤية (في اليقظة) بحيث يرى الصوفي الأنبياء والأولياء يقظة ويتحدث معهم مصدران معتمدان من مصادر المعرفة؛ وبالنسبة للرؤيا يدفع الصوفي بالحديث : "روى البخاري (6989) من حديث أبي سعيد، ومسلم (2263) من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة)". وقد وردت رواية أخرى في عدد أجزاء النبوة، واختلف أهل العلم في معنى هذا الحديث اختلافا واضحا.

   وثمة أسئلة يمكن طرحها حول هذا الحديث منها :

1 ــ لماذا هذه النسبة الصغيرة : (1 من 46 = 0.02 تقريبا) تحديدا؟ تحاشى الكثير من أهل العلم البحث في هذا السؤال.

2 ــ الحديث يقول بالرؤيا الصالحة يراها الصالح، فما المعايير العلمية التي يطمئن إليها لنميز الصالح من الدعي؟ هل يكفي الانطباع الشخصي الذي لطالما غرر بالناس وانخدعوا به؟

3 ــ ماذا يترتب عن الأخذ بهذا الحديث وتصديق كل من يدعي انطباقه عليه؟ ألا يترتب على ذلك ضرر كبير على الأمة من كثرة الأدعياء الذين يصل بهم الأمر إلى ادعاء النبوة أو المهدية؟ وهم غالبا من المتصوفة والشيعة ومن لف لفهم؟

 

9/6/2023

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

محتويات المدونة (الفهرس)

 بدون ترقيم ولكن ترتيبه في النشر يأتي بعد المقال رقم 42 محتويات المدونة (الفهرس)      ملاحظة : تاريخيا من الأقدم إلى الأحدث أنشأت ثلاث م...