الغرابيل
الخمسة
يستغرب الليبي المصاب
بالاندهاش المزمن .. المتفاجئ دائما بشروق الشمس و غروبها .. يستغرب ما جناه عليه
إصبعه المغطوس في حبر الخديعة حيث أفرز هذا المؤتمر الغريب العجيب .. المؤتمر الذي
استهل تاريخه المشرف بإطلاق يد مليشيات مصراتة في بني وليد بذريعة قتل أحد أبناء
مصراتة و تجاهل وجود المئات من أبناء بني وليد في سجون هذه المليشيات قبل حادثة
القتل و قد مات منهم الكثير في تلك المعتقلات اللعينة قبل حادثة القتل و بعدها و
إلى الآن .. و قد ثنى المؤتمر بكذبته الشهيرة بالقول باعتقال موسى إبراهيم و
الفقهي و قتل خميس .. و الشعب الليبي المأخوذ على حين غرة بالمؤكد الحدوث لو رجع
إلى ما سبق انتخاب هذا المؤتمر لاكتشف أن كل المعطيات لا يمكن لها إلا إفراز هذه
النتيجة.
فالانتخابات التي قادت إلى
انتخاب أعضاء هذا المؤتمر لم تكن ديمقراطية على الإطلاق من أربعة نواح على الأقل :
الأولى
: قانون الانتخابات
المفصل على مقاس طيف ضيق جدا من الشعب.
الثانية
: سرعة إجرائها بحيث
صار من الصعب على الناخب أن يحسن الاختيار .. و في خضم هذا الاستعجال المريب صار
من المشروع التساؤل مثلا عن مدى المصداقية في تصويت الليبيين في الخارج .. فقد صوت
ليبيو الخارج قبل الليبيين في الداخل و بالنظر لقصر المدة بين اعتماد أسماء
المرشحين و بدء عملية التصويت في الخارج فإن السؤال هو : كيف تسنى لسفاراتنا في
الخارج أن تعرف الناخب بمرشحيه؟ خاصة و نحن نتحدث عن انتخابات برلمانية لا
انتخابات رئاسية؟ .. إذ في الأولى ينبغي تصنيف الناخبين وفق دوائرهم ثم تعريفهم
بالمرشحين عن كل دائرة ما يتطلب وقتا طويلا.
الثالثة :
الخطاب الإعلامي
الممهد و المصاحب للانتخابات و حرمان الآخر المخالف لهذا الخطاب من أية منابر
تمكنه من التعبير عن رأيه.
الرابعة
: كثرة القيود و
الغرابيل التي استعملت لغربلة المرشحين :
فالغربال الأول
: غربال القتل .. إذ
بالنظر إلى كم الحقد الذي ضخ من وسائل الإعلام السبطشية المحلية و العالمية
(الجزيرة و العربية و غيرهما) و الذي وجد تجليه في هستيريا القتل الفظيعة فقد قتل
أناس كثر لو بقوا على قيد الحياة و أعطوا فرصة الترشح و الانتخاب لكان المؤتمر غير
المؤتمر.
الغربال الثاني
: من نجا من غربال
القتل وقع في غربال الاعتقال .. ففي معتقلات السباطشة في تلك الفترة كان كثير من
المنافسين على مستوى الترشح و الانتخاب القادرين ربما على تغيير النتيجة.
الغربال الثالث
: الإجلاء و النزوح
.. و إذن هذا قسم آخر من الشعب احتجز في هذا الغربال و منع من المشاركة.
الغربال الرابع
: غربال الخوف ..
فأمام هذا الضخ الإعلامي للحقد و أمام ما يشاهد من تطبيق عملي لتجليات هذا الخطاب
من قتل و اعتقال و تهجير فقد أحجم كثير من الليبيين عن المشاركة كناخبين و
كمرشحين.
الغربال الخامس
: غربال الحباسي* ..
غربال ما يسمى بهيئة النزاهة و الوطنية .. فمن نجا من الغرابيل الأربعة و تقدم
بملفه احتجزه غربال الحباسي .. و استمر هذا الغربال في الغربلة حتى بعد الانتخابات
حيث أخرج بعض من وصلوا بالفعل إلى المؤتمر و ذلك بعد انتخابهم بشهور عديدة.
رب سبطشي يقول
: و هل كنت تريد من الليبيين بعد (هذه الثورة التي أبهرت العالم) و قدمت فيها
أرواح آلاف الشهداء أن يعطوا الفرصة للأزلام؟
و الرد بسيط جدا :
أولا : صاحب هذه الحجة يعترف ضمنا بأنه يمثل
الأقلية .. أي أن السباطشة لا يمثلون جل الشعب الليبي .. و لكنها أقلية انتصرت على
الأكثرية بالاستقواء بالخارج .. إذ لو كانوا أكثرية لما خشوا منافسة (الأزلام)
لهم.
ثانيا : يعترف ضمنا بأن الانتخابات لم تكن
ديمقراطية .. بل كانت تمثل ديمقراطية موجهة .. أي ديمقراطية و عليها وكيل على غرار
المثل الشعبي : زيجة و عليها وكيل .. و هذا يؤكد ما تطرحه هذه المقالة باختصار.
إنني لا ألومك يا صاحب هذا الاعتراض على منع (الأزلام) من
المشاركة في تلك الانتخابات مقابل ألا تدعوني لتصديق زعمك بأنها كانت ديمقراطية و
نزيهة.**
.................................
* عمر الحباسي لم يكن رئيس هذه
الهيئة بل الناطق الرسمي باسمها و استخدمت اسمه هنا لشهرته.
10/6/2014
** أخشى أن ما ينطبق على انتخابات المؤتمر الوطني العام و التي حظيت
بأعلى نسبة في المشاركة ينطبق إلى حد ما على انتخابات لجنة الستين و مجلس النواب
أيضا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق