الاثنين، 31 أغسطس 2015

المقال رقم 5 : دار الغول المحظورة

دار الغول المحظورة

         في بعض الحكايات الشعبية الليبية (الخراريف) هناك غرفة (دار) يحرص الغول على تركها مقفلة و يحذر الآخرين من محاولة الاقتراب منها .. و حينما يقود الفضول أو المصادفة أحدا ما لفتحها فسوف يجد على الأرجح الكثير من الهياكل العظمية و الأحجبة و بعض الرهائن و غير ذلك من الأمور الفظيعة .. فدار الغول هي تلك الغرفة السرية التي تدور حولها الأسئلة و التخمينات .. فما دار الغول السبترية؟
            إنها تلك الفترة التحضيرية التي سبقت وصول معمر القذافي للسلطة في 1 سبتمبر 1969 .. و قد احتفظ كبار السباترة بحق عرض ما تحتويه (ما جرى فيها) وفق رؤيتهم و مصالحهم .. و كانوا يعدلون أحيانا في ذكرى الفاتح من الرواية حسب ما يستجد من معطيات .. ففي إحدى السنوات مثلا في الذكرى السنوية عدلت رواية قصة الثورة التي تعرض من خلال التلفزيون لتنفي قيام تنظيم الضباط الوحدويين الأحرار بتوزيع أية منشورات بينما كانت الصور المنصوبة في بعض الأماكن البارزة تظهر القذافي و هو يخرج يده من نافذة الفولكس ليلقي بالمنشورات .. طبعا وسعت هذه الغرفة فيما بعد على عادة الليبيين في توسيع المرابيع لتشمل مساحات زمنية أخرى بعد 1 سبتمبر 1969 .. و لأنه لم يكن في الستينيات و السبعينيات ما يوجد اليوم من وسائل توثيق متاحة للناس .. و لأن دار الغول مقفلة بصورة جيدة فقد شرقت التخمينات حول محتواها و غربت .. فمن قائل بأن القذافي صنيعة الغرب .. و من قائل بأنه من نتاج عبد الناصر .. و من قائل بأنه من هدايا إسرائيل .. و لا أحد باستثناء السباترة قال بأنه جاء استجابة لحاجة محلية.
      في المقابل ثمة سؤال لابد أن يدور بالذهن : قد عرفنا دار الغول السبترية .. فما دار الغول السبطشية؟ .. إنها الفترة الممتدة من 17 فبراير 2011 حتى 23 أكتوبر من العام نفسه .. إنها الفترة التي تنطبق عليها مقولة : لا صوت يعلو على صوت المعركة .. الفترة التي اعتبر التساؤل فيها بمنظور السباطشة خيانة وطنية .. و ربما وسعها البعض حسب العادة لتمتد في الماضي حتى الثورة التونسية و ربما حتى وثائق وكيليكس و الدعوة إلى الشرق الأوسط الجديد و الفوضى الخلاقة.
      و بالرغم من توفر وسائل التوثيق و سهولة انسياب المعلومة و ربما بسبب ذلك فقد شرقت التخمينات و غربت أيضا حول ما جرى في هذه الدار المحظورة .. يقول السباطشة بأن التجربة السبطشية جاءت استجابة لحاجة محلية فقط .. و لا تقليد و لا مؤامرة فيها .. كَذَلِكَ قَالَ السباترة من قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ.

      و ثمة سؤال آخر لا يكف عن الدوران : أما حان الوقت لأن تفتح أيها الغول السبطشي غرفتك الأثيرة لعامة الليبيين؟ .. دعنا سيدي الغول ندخل لتفحص محتويات الغرفة و لا تحدثنا عنها فقط .. فمع احترامنا لك فإنا فضولنا و ما تمثله هذه الغرفة لنا من أهمية كل ذلك و غيره يمنحنا الحق (و دون أن نقع تحت طائلة التخوين و الاتهام بعداء الثورة و الأزلمة) في أن نتحدث نحن عما جرى في الفترة المحظورة و لا أن نكتفي بالاستماع إلى روايتك الخاصة أيها الغول السبطشي المحترم .. دعنا نتأكد من نسبة البراءة و العفوية فيما حدث .. ما نسبة الثأر و الثورة و التقليد في التجربة السبطشية؟ .. نتأكد من وجود تنسيق مسبق مع الغرب و قطر من عدمه .. و كيف قامر السباطشة بكل الليبيين مقامرة خطرة .. مقامرة لم نخرج من مخاطرها إلى الآن  .. دعنا نعرف كل شيء عن اغتيال عبد الفتاح يونس و رفيقيه .. عدد القتلى و الجرحى على الضفتين .. و ماذا عن السفن التي دمرها الناتو و لماذا؟ و ما إذا كان ثمة مبالغة في تدمير القدرات العسكرية الليبية من قبل الناتو و من قبل السباطشة؟ و لماذا؟ .. و غير ذلك من المحتويات الكثيرة الفظيعة .. و إلا فإن تيار الثالث اللا رمادي سوف يدخلها عاجلا أو آجلا .. برضاك أيها الغول أو بدونه.





17/10/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

محتويات المدونة (الفهرس)

 بدون ترقيم ولكن ترتيبه في النشر يأتي بعد المقال رقم 42 محتويات المدونة (الفهرس)      ملاحظة : تاريخيا من الأقدم إلى الأحدث أنشأت ثلاث م...